نظمت لجنة العمل الاجتماعي – فرع ضاحية جابر العلي، التابعة لجمعية الإصلاح الاجتماعي – فرع محافظة الأحمدي: محاضرة جماهيرية تثقيفية بعنوان ‘هموم المعلم’، وذلك بمقر ديوان ناصر الصواغ بضاحية جابر العلي، وقد ألقى المحاضرة الأستاذ متعب العتيبي – رئيس جمعية المعلمين الكويتية.
وقد تناولت المحاضرة أزمة التعليم في الكويت، والمشكلات التي تواجه المعلم ومساعي جمعية المعلمين الكويتية في حلها، وتصور الأزمة وحلولها المقترحة.
وقال العتيبي إنه لا يفضل عنونة المحاضرة ب’هموم المعلم’ لأنه مدخل سلبي للقضية، بينما التفاؤل مهم في إعطاء الطاقة للعمل وفي التوصيف السليم لرسالة المعلم كمهمة جليلة وكعبادة لا مجرد عادة أو وظيفة لتحصيل المال، ثم شرع في وصف أهمية التعليم في تقدم المجتمعات وفي كونه محددًا حسب أولويته لموضع الدول في ترتيب التقدم.
وتناول العتيبي خطة دولة الكويت المكونة من 10 أولويات جاء ترتيب التعليم بينها في المرتبة العاشرة، ولم تتجاوز ميزانية التعليم ال1% من هذه الخطة، رغم كونها الوزارة الأكبر في الدولة حيث تمثل 52% من حجم عمالة الدولة بمفردها في مقابل 48% لباقي العمالة في كل الوزارات الأخرى، وهو مؤشر على عدم وضع التعليم كأولوية في الكويت، وهو وضع عام يشمل كل دول الوطن العربي، على عكس الدول المتقدمة كاليابان والصين وماليزيا التي اهتمت بالتعليم وجعلته أولوية أولى فانعكس ذلك على الدولة ككل؛ لأنه استثمار في الإنسان وهو أغلى موارد الدول.
وشرح العتيبي مشكلات التعليم الكويتي تباعًا، فبدأ بخداع الدرجات والمؤشرات، فنسبة النجاح في الثانوية الكويتية 92% وهي نسب غير معبرة عن الثمرة الحقيقية والنتاج الفعلي، ففي الوقت الذي لا يصل فيه النجاح في الدول الكبرى ذات التعليم الحقيقي إلى 70% تكون تلك هي نسبة الكويت، مما يخرج طالبًا ضعيفًا يصطدم بمستواه الحقيقي عند الدراسة في الجامعات العالمية، وعند التصدي لسوق العمل؛حيث لم يتم التأسيس الحقيقي في سنوات التعليم الأولى، فالمدخلات رديئة مما يؤدي إلى مخرجات رديئة، وفي ذلك إهدار لميزانية التعليم الضخمة التي تساوي تقريبًا ميزانية 30 دولة إفريقية، بلا فائدة وعائد حقيقي على مستوى المنجز المطلوب.
وأضاف العتيبي أنه رغم تعاقب الوزراء على الوزارة مع كفاءتهم العلمية إلا إن الأزمة في القيادات الوسطى التي تعوّل على التغير الوزاري المستمر وعدم المحاسبة مع مط الوقت ووجود وزير جديد، وفي سبيل علاج مشكلات التعليم عقد عام 2007 مؤتمر لدراسة وضع التعليم الكويتي وعلاج مشكلاته تحت رعاية الأمير وباقتراح من د. عادل الطبطبائي، وتشكل 19 فريقًا من المختصين للمراحل والأقسام المختلفة لقراءة الواقع واقتراح الحلول، وخرجت التوصيات بعد المؤتمر الذي تم برئاسة د.أنس الرشيد وزير الإعلام وقتها في صورة قرار ومرسوم أميري، لكنه وضع بالأدراج ولم ينفذ بالجدية التي استُخلص بها، فالأزمة ليست في الاستراتيجيات والخطط وإنما في التنفيذ، فرغم النفقات الكبرى إلا إن ما يصل للطالب بشكل فعلي منها غير حقيقي.
ووضح العتيبي أن رواتب المعلمين والتكاليف الحقيقية للتعليم خارج المهدر منها من مكيفات ومرافق وأجهزة وتطوير مناهج تعتبر قليلة، وما يصل الطالب منها ويفيده ضئيل لا يخدم تعليمًا حقيقيًّا.
ومن الجهود المشكورة في إطار وضع تصور لحل الأزمة التعليمية في الكويت جهد الوزير الدكتور نايف الحجرف الذي قدم مشروعًا بعنوان ‘مشروع لتطوير التعليم في دولة الكويت’، تناول المناهج وطبيعة دور المعلم إلى آخر هذه المحاور.
وعن أهم تصورات علاج أزمة التعليم عدّد العتيبي نقاطًا مهمة منها تمهين التعليم بوضع كادر للمعلم؛ لأن التعليم مهنة طاردة بوصفها تمثل جهدًا كبيرًا بلا ميزة نوعية على مستوى الراتب، وقد تحقق ذلك مؤخرًا بقانون مما يعوّل عليه في دفع الأزمة خطوة في اتجاه الحل، إضافة إلى إبعاد المعلم عن العمل الإداري لتفريغه للجانب العلمي التربوي بلا توزيع للجهد والطاقة، وقد طبقت هذه الخطة في العام الماضي على نطاق ضيق لكنها لم تنفذ هذا العام لسبب غير معلوم.
وقد ختم العتيبي محاضرته بترك المجال مفتوحًا لجماهير الديوانية الذين طرحوا أسئلتهم ومداخلاتهم وتفاعل معها بحميمية وغزارة نابعة من الممارسة الميدانية والخبرة المباشرة.