انتقل الى رحمة الله تعالى أمس نائب رئيس مجلس إدارة جمعية الإصلاح الاجتماعي المغفور له بإذن الله تعالى حامد الياقوت، فقد صعدت روحه الطيبة إلى بارئها بعد حياة حافلة بالنشاط والإخلاص في ميدان الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث كان من مؤسسي جمعية الإصلاح الاجتماعي وأحد أهم أعمدتها، وكان يؤكد دوما على أن الجمعية تسعى الى الحفاظ على قيم المجتمع وعاداته.
كما كان يرى، رحمه الله، أن العمل الخيري أصبح سفيرا حيا للكويت في أنحاء العالم.
وفور إعلان خبر الوفاة امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بردود الأفعال الحزينة والتعليقات التي عددت مناقب الفقيد وأثنت على خطواته في ميدان الدعوة وإسهاماته البارزة في خدمة الإسلام والمسلمين، فقد قال رئيس لجنة تطبيق الشريعة في الكويت د.خالد المذكور في تغريدة على «تويتر»: رحم الله أخانا حامد الياقوت وأسكنه فسيح جناته فقد عرفته عن قرب بخلق فاضل وأدب رفيع ودعوة صادقة وعزائي الى أهله وأبنائه، كما نعاه على الموقع نفسه النواب السابقون د.جمعان الحربش وأسامة الشاهين ود.حمد المطر ومحمد الدلال وغيرهم كثيرون.
من جهته نعى الأمين العام للرحمة العالمية التابعة لجمعية الإصلاح الاجتماعي يحيى سليمان العقيلي الفقيد قائلا «فقدت الكويت اليوم ابنا بارا من أبنائها وعلما من أعلام العمل الخيري شهد له اهل الكويت بدوره وأثره المبارك في العمل الخيري والدعوة للإسلام، انه المستشار حامد الياقوت غفر الله له ورفع درجته في عليين وأخلف على أهله وذويه والعمل الخيري والكويت خيرا بعده».
وقال العقيلي «لهذه الدعوة رجال اختارهم الله لحمل رسالته فهنيئا لهم هذا الاختيار ونعم الطريق الذي يسيرون فيه ونعم الوقت الذي ينفقونه في تبليغ الرسالة، من هؤلاء حامد الياقوت الذي منذ أن عرفته وجدت فيه الهمة العالية والأخذ بالأسباب لتطوير العمل الإسلامي بما يجعل تبليغ رسالة ربنا أمرا ميسورا ولها اثر في المجتمع، مشيرا إلى «ان مسيرته حفلت بكل أوجه وألوان العطاء وأنه ترك تراثا خيريا سيظل نبراسا للأجيال المقبلة، وأنه رحمه الله جسد صفحة ناصعة في سجلات العمل الخيري بهمته العالية ودأبه وتفانيه شملت كافة الشرائح المستضعفة».
وتابع العقيلي «رحم الله أخانا المستشار حامد الياقوت عرفناه منذ السبعينيات من شباب جمعية الإصلاح تقيا ورعا رقيق القلب سريع الدمعة يؤمنا في الصلوات بتلاوته الشجية، يعشق الدعوة والنصح للناس وبدأها في المساجد أواخر السبعينيات ثم علا منبر الخطابة في مسجد المشاري بمنطقة اليرموك، وقد عرفه الجميع ببشاشة الوجه وطيب المعشر وكرم النفس، بصماته في نشاط الجمعية واضحة جلية حيث أسس قطاع الصحبة لرعاية الشباب في السن الثانوي وتخرج على يديه ورفيق دربه المرحوم خالد الجيران أجيال من الدعاة، وفي السنوات الأخيرة تولى مسؤولية العمل في الجمعية وانتقل بها الى طور جديد من الانفتاح والشراكة المجتمعية وهذا أمر يلمسه كل مراقب».
واوضح العقيلي أن المغفور له بإذن الله حامد الياقوت حقيقة كان مدرسة في الخير والصبر، صبر على المرض الذي عانى منه، كان مبتسما دائما، وهذا أمر المؤمن، كان مدرسة من المدارس التي تعلمنا منها كيفية الصبر على العمل الخيري وتقديم المساعدات للآخرين والتفاني في ذلك، وكان سباقا في تقديم الخير، ولم يدخر جهدا في نصرة اخوانه المسلمين.
واضاف العقيلي: هو فقيد الدعوة والعمل الخيري والكويت، وعزاؤنا لعائلته الكريمة ولأعضاء الجمعية ولسائر محبيه، ونسأل الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته وان يرفع منزلته في عليين، وعزاؤنا لأهله وأحبابه ورجالات العمل الخيري، واختتم العقيلي قائلا «ندعو الله أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته وعظيم غفرانه، ويسبغ عليه سحائب الرحمة والغفران، وأن يبلغه منازل الشهداء، ويلهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان».
أما أمين عام جمعية الإصلاح يوسف عبد الرحيم فيقول عنه: عرفناه كمستشار في مجال القانون والحقوق وأيضا هو مربٍ في مجال العمل التربوي وكان يتسم بالحكمة وسعة الصدر، كان صاحب همة عالية في العمل، كان يستمر الى بعد الظهيرة، وكان يحضر اجتماعات الجمعية ويتابع ويراجع، وكان قريب امن جميع الأعضاء يزورهم ويتابعهم ويتفقدهم ويشاركهم أنشطتهم، كان كواحد منهم، وكان يحمل هم العمل الخيري في العالم وكان يحرص على ربطهم باللجان التي تلبي احتياجاتهم، كانت له آراء سديدة في تطوير العمل الخيرى في الجمعية، وكان احد الأعمدة التي قامت عليها الجمعية واستطاع ان ينال عددا من الحوائز على مستوى العالم كان يوجه باشراك المجتمع في الانشطة.
من كلمات وتغريدات الفقيد
٭« اللهم خفف علينا ثقل الأوزار وارزقنا معيشة الأبرار واكفنا شر الأشرار واعتق رقابنا ورقاب والدينا واخواننا والمسلمين من النار يا عزيز يا جبار».
٭«ما من قلب يسامح إلا عاش مرتاحا وما من نفس ترضى بالقدر إلا باتت سعيدة وما من روح تردد الحمدلله إلا استيقظت وهي مبتسمة».
٭«لا يؤخر الله أمرا إلا لخير، ولا يحرمك أمرا إلا لخير، ولا ينزل عليك بلاء إلا لخير، فلا تحزن فرب الخير لا يأتي إلا بالخير».
٭ تذكروا سنغيب يوما وسيبقى الأثر حروفك، صورك، كتاباتك، ستكون في يوم ما شواهد، إما لك وإما عليك، فاختر لنفسك.
٭ كن واثقا ومتيقنا ومؤمنا بأنه في أحلك وأصعب وأشد وأشق الظروف لن تنجيك إلا رحمة الله سبحانه.
رثاء
مشوار العمر مع أخي حامد الياقوت
كان أخي وصديقي وحبيبي منذ ان كنا في ثانوية كيفان، تزاملنا في المدرسة في نفس المراحل، جمعنا مصلى المدرسة، وترافقنا في طريق العودة إلى بيوتنا اياما عديدة لأننا كنا نعود مشيا على الاقدام وحقائبنا نسندها بأيدينا وظهورنا بطريقة حلت محلها علاقات حقائب الظهر.
لكن الفرق انني كنت اصل قبله إلى البيت لأنني في كيفان وهو بيتهم في الخالدية.
التحقنا بأنشطة شباب جمعية الاصلاح منذ الصف الثاني الثانوي.
كان معنا في نفس الدفعة لأننا في نفس العمر تقريبا العديد من الاخوة منهم جمال شهاب ود.صلاح العبدالجادر.
جمعتنا انشطة المخيمات والمباريات الرياضية وعمرات السبعينيات والاسمار الثقافية، ثم جمعتنا الأيام وجمعتنا الأحلام في «الائتلافية» ايام الجامعة.
بعد الجامعة افترقنا حيث ذهبت إلى أميركا وهو استمر في المساهمة في ادارة العمل التربوي والقيادي في العمل الاسلامي.
طلب مني المساهمة معه حين أوليت له مهمة ادارة العمل كمسؤول وهو كاره ومدرك للصعوبات التي جعلت من يراه اسبق منه ان يعتذر عنها حتى وصلت اليه فقبلها مضطرا.
لقد اقتربت منه اكثر ووجدت فيه النضج والاخلاص والحكمة والحرقة على العمل والقيادة المتفتحة المتطلعة للتطوير والتغيير، فبادر وقاد مؤتمر التطوير الأول وقاد عملية التحول الاستراتيجي للعمل في جمعية الاصلاح للتحول من العمل خارج اروقة الجمعية الى العمل المؤسسي الكامل من داخل الجمعية، وقد كان يبث لي همومه وتطلعاته كلما زرته.
وما طلبت منه موعدا رغم مشاغله الكثيرة الا مكنني من مقابلته على الفور او خلال ساعات قليلة حتى أثناء اشتداد مرضه في نيويورك.
ومن همومه عرفت كم كان يحمل هذا الرجل العظيم من حب لاخوانه وحرص عليهم وتحمل في سبيل ذلك ضغوطات نفسية كبيرة وتحمل كلاما ثقيلا ولكنه آثر ان يخفيه في صدره ولا يكدر صفو اخوانه، وقد كان كثير التفاؤل وصاحب عزيمة لا تعرف اليأس حتى عندما ابلغ الأطباء أبناءه في نيويورك ان عليهم الاسراع للعودة إلى الكويت لاستفحال المرض وعدم قدرتهم على احتوائه.
كان رحمه الله شفوقا على ابنائه البررة وزوجته الوفية ام يوسف الذين رافقوه في رحلة العلاج فكان يقول لهم مواسيا: دعونا لا نفقد الأمل وكان قراره ان يستكمل العلاج في لندن رغم آلامه الا ان تدهور حالته الصحية لم يمكنه من ذلك فرجع وهو يعلم انها أيامه الأخيرة.
لقد كان دائم التواصل مع اخوانه يتابع معهم هموم الدعوة والأمة ويطمئنهم على صحته رغم أوجاعه، ولم نسمع منه في مرضه الا ذكر الله وحمده وشكره وكلمات التفاؤل والمودة.
رحمك الله يا ابا يوسف، طبت حيا وميتا، واسأل الله ان يتقبلك عنده مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.
الأنباء 13 يونيو 2015